الليل الاخير يا عذابي
عدد الرسائل : 23 العمر : 46 تاريخ التسجيل : 02/04/2008
| موضوع: الـــــــــــــــــــــــــ ح ــــــــــــــــــــب الأحد أبريل 20, 2008 5:11 am | |
| يوازي الصفاء والعفاف والطهر والنقاء أما فلاسفة اليونان فقد تحدثوا عن الحب حسب معتقداتهم ونظرياتهم الفلسفية فقالوا: "إن الحب أقدم الآلهة وأفضلها، فهو الذي يبعث في الإنسان الإحساس بالشرف ويمني فيه الإيثار وروح التضحية" وقيل: "إن الحب أصل من أصول الكون، وهو يخرج من عالم الحس المحدود إلى عالم العقل الواسع ويجعله منبع كل سعادة وكل خير" وربما لذلك وضع اليونانيون والرومان آلهة للحب كفينوس عند الرومان وأفروديت عند اليونان وهما آلهتا الحب والجمال. إن الحب إذا تمكن من صاحبه أصبح إنسانا غير عادي، فالمحب يعيش في عالم خاص من الصفاء والبهاء والسعادة الروحية والحب هو السلم المؤدي إلى العلياء، التي لا يرقى إليها إلا قوم أنزلت على قلوبهم آيات العفاف. سئل أعرابي قديما ما هو الحب؟ فقال: "هو أظهر من أن يخفى، وأخفى من أن يرى هو كامن كمون النار في الحجر إن قدحته أورى وأن تركته توارى" وقال حكماء الهند : "ما علق الحب بأحد عندنا، إلا وقدمنا التعازي لأهله فيه" وقيل لرجل: ابنك قد أحب فقال: "عذب قلبه وأبكى طرفه وأطال سقمه" وسأل سعيد الهمداني أعرابيا : ممن الرجل؟ فقال الأعرابي: من قوم إذا أحبوا ماتوا. وقال الآخر: وعش خاليا فالحب أوله عنا ٭٭ وأوسطه سقم وآخره قتل ودعا شاعر الحب للتجربة فقال: ألا ليت أن الحب يعشق مرة ٭٭ فيعرف ماذا كان بالناس يصنع وشكا حبيب حبيبته فقال: نظرت إليها فاستحلت بنظرتي ٭٭ دمي، ودمي غال فأرخصه الحب وغالبت في حبي لها وأبت دمي ٭٭ رخيصا فمن هذين داخلها العجب وسأل رجل عن اسم امرأة أعجبته فقيل له: "اسمها دنيا" فقال: ظلموها شطر اسمها ٭٭ فهي دنيا وآخرة ووصف أحدهم الحب فقال: الحب ملك غشوم مسلط ظلوم، دانت له القلوب وانقادت له الألباب وخضعت له النفوس، فالعقل أسيره والنظر رسوله واللحظ عامله، والتفكر جاسوسه والشغف حاجبه، والهيام نائبه، هو بحر مستقره غامض، ويم تياره فائض، دقيق المسلك عسير المخرج" وقال ابن كليب القيرواني، لا جدال في الحب. وقال ابن حزم في طوق الحمامة إن الحب الذي يسمى عشقا يتميز عن سائر ضروب المحبة، بأنه لا يفنى إلا بالموت، لأن علته دائمة بينما تنقضي ضروب المحبة الأخرى بانقضاء عللها. إن الحب بإجماع العلماء، والعارفين والحكماء، أوله هزل وآخره جد، وقد دقت معانيه لجلالتها عن الوصف، فلا تدرك إلا بالمعاناة، والحب ليس بمنكر في الديانة ولا بمحظور في الشريعة إذا القلوب بيد الله عز وجل كما يقول ابن حزم. وربما كانت قصة حب قيس بن الملوح المجنون لليلى أشهر القصص عبر التاريخ والمجنون هو أشهر واحد من شهداء الحب العذري الذين سجلوا أروع قصص العشق وأنبل عواطفه. وقد نسجت حول المجنون الحكايات والأساطير التي تناولت سيرته وحبه وجنونه وشعره وحب قيس لحبيبته لليلى صار مثالا في الوفاء والإخلاص ونبل العواطف وصدق المودة، وصار شعره في ليلى مثالا في السمو والمعاني ومدرسة في الأدب والشعر العربي العفيف، حتى صار كل شعراء الغزل العربي يسمون عشيقاتهم باسم "ليلى" ويقال "كل يغني لليلاه". وكان أول فيلم سينمائي عربي أنتج سنة 1927 يحمل اسم "ليلى" واسم ليلى يعني النشوة أو بداية السكر لقد كان المجنون مثالا نادرا وفريدا في عشقه وعفافه وتضحيته بنفسه. وكان جنونه سببا في شهرته واستمرار الناس في تتبع مسار حبه وحياته القصيرة المليئة بالعواطف والنكبات والدموع والتضحيات، حتى لقب بشهيد الحب العفيف وشاعر الغزل العذري بامتياز. والحب عاطفة وإحساس لايملك أمامه الإنسان أية مقاومة، يستوي في ذلك الرجل والمرأة الكبير والصغير الغني والفقير يقول أحد الرجال الذي سئل عن الحب : "شعرت بحنين آسر أقرب الى مرض في القلب، وكنت لا أنفك أحلم بها فقدت شهيتي للطعام وأصبحت على شفير انهيار عصبي". وهذا هو الانهيار الذي أصاب المجنون قبل أكثر من ألف عام، وقد أجرت إحدى المؤسسات العلمية في أميركا استطلاعا عن الحب فيه الآلاف من الرجال لمعرفة الشعور الذي ينتاب الإنسان وهو في حالة حب. قال أحدهم: "هو شعور مماثل للخوف الذي ينتاب الإنسان عندما يصاب بالتشنج في معدته أوعندما يضل طريقه أو عندما ترتعش يداه أو يشرع في تخيل الأهوال التي قد تعترض حياته". ويتساءل "أليس غريبا أن يكون للحب وللرعب الأثر الجسدي نفسه؟" ويقول آخر : "كان يشق علي أن أفكر إلا في حبيبتي، لأن الحب كبلني، وإن الحب يبعث في الرجل القلق، إذ يجعله عاجزا عن التحكم في عواطفه، عندما قطعت حبيبتي علاقتها بي أحسست أن حياتي تحطمت، لست أثق بالحب، لأنه غاية في القسوة ولا يخضع لأي منطلق". وقال خبير: "الحب ضربان" الأول مجنون يجعلك في حلم دائم، والثاني على صلة بالواقع وثيقة، ولقد عرفت الحب بنوعية، أما الأول فهو الذي يحكم حياتي العادية، والثاني اختبرته مرة واحدة وكان جارفا لايمكن السيطرة عليه وعندي أن الأول ينطوي على حنان أوفر، ولكن الثاني هو الحب الحقيقي". هذا الحب الحقيقي هو حب المجنون قيس بن الملوح الذي يقول : فحتام يا ليلى فؤادي معذب٭٭ بروحي تقضي ماتحب وتحكم لعمري ما لاقي جميل بن معمر ٭٭ كوجدي بليلى لا ولم يلق مسلم ولم يلق قابوس وقيس وعروة ٭٭ لوم يلقه قلبي فصيح وأعجم أحب يوسف واستشعر الحب قلبه ٭٭ ولا كاد داود من الحب يسلم وبشر وهند ثم سعد ووامق ٭٭ وثوجة أضناه الهوى المنقسم وهاروت لاقى من جوى الحب سطوة ٭٭ وماروت فاجاه البلاء المصمم ولم يخل منه المصطفى سيد الورى ٭٭ أبو القاسم الزكي النبي المكرم أبيت صريع الحب أبكي من الهوى ٭٭ ودمعي على خذي يفيض ويسجم لساني عيي في الهوى وهو ناطق ٭٭ ودمعي فصيح في الهوى وهو أعجم ينسب الغزل العذري الى قبيلة بني عذرة العربية وهي إحدى قضاعة التي كانت تنزل بين وادي القرى شمالي الحجاز، لأن فتيانها تميزوا بذلك الشعر حتى أطلق عليه الشعر العذري أو الحب العذري، منهم جميل بثينة وهو شاعر من شعراء الغزل، أحب بثينة ابنة عمه، وقد ظل على حبه لها حتى مات وقد جعل شعره كله وقفا عليها وكان يريد الزواج بها، غير أن تقاليد العرب في ذلك الوقت كانت تمنع زواج الشاعر من الفتاة التي يتغزل بها، وهو نفس ما عرفه المجنون والشعر العذري أو العفيف هو الذي يقوم على العاطفة الصادقة والبعد عن محاسن المحبوب ومفاتن المرأة، وذلك ناتج عن المحافظة على التقاليد وعن الغيرة على المرأة، ويمثل هذا الشعر من الشعراء العرب : قيس بن ذريح ومعشوقته لبنى جميل بن معمر ومعشوقته بثينة كثير ومعشوقته عزة عروة ومعشوقته عفراء الصمة القشري وابنة عمه ريا عبد الرحمان الجشمي وهو المعروف بحبه لسلامة ويعرف بـ "سلامة القس" والحب عند العرب مراتب ومنازل ذكرها الأدباء والشعراء والعشاق والحكماء.
| |
|